تطرق إلى العلاقات الجزائرية الفرنسية، ملفات دولية هامة، روسيا، الصين، الساحل وأمريكا
الرئيس تبون يضع النقاط على الحروف ..
– “همنا الوحيد هو إقامة الدولة الفلسطينية”
-اتفاقيات 1968 ليست سوى قوقعة فارغة لحشد المتطرفين
تطرق رئيس الجمهورية، عبد المجيد تبون، في حوار مطول، مع جريدة l’Opinion الفرنسية، إلى عديد الملفات الراهنة والوضع الحالي الدولي، على غرار العلاقات الجزائرية الفرنسية، فلسطين، ومناخ الأعمال الدولي، والاقتصاد الجزائري وكذا مواقف الجزائري الثابتة إزاء القضايا العادلة بالعالم.
وأكد الرئيس تبونّ، أنه “منذ استقلالنا إلى يومنا هذا، للجزائر محوران أساسيان في السياسة الخارجية.. عدم الانحياز وعدم التدخل في الشؤون الداخلية للبلدان.”، مشيرا إلى أنه” لدينا علاقات ممتازة مع دول البحر الأبيض المتوسط في مجالي الاستثمارات والتجارة، وأن الجزائر قوة استقرار في إفريقيا.
الجزائر ستصبح بلدا ناشئا خلال عامين
وفي الشق الوطني والاقتصادي، أكد رئيس الجمهورية، عبد المجيد تبون، أن الجزائر ستصبح بلدا ناشئا بمستوى دول جنوب أوروبا، على الأرجح خلال عامين، مشددا على أن البلاد ليست بحاجة إلى “المساعدات” الفرنسية الخاصة بالتنمية والتي “لا تخدم سوى مصالح فرنسا”.
وقال رئيس الجمهورية: “بمشيئة الله، ربما في غضون عامين كحد أقصى، ستصبح الجزائر بلدا ناشئا بمستوى دول جنوب أوروبا، مع ناتج داخلي خام يتجاوز 400 مليار دولار”.
وأضاف أنه “مع بداية 2027 على أقصى تقدير، سنكون قد استكملنا تنفيذ برنامجنا لإنجاز 5ر3 مليون وحدة سكنية –وقد تم بالفعل تسليم مليوني وحدة منها- وسنكون قد انتهينا أيضا من مشكلة المياه، كما سنكون قد خفضنا استيراد المواد الأولية لمصانعنا. فهدفنا يتمثل في تصنيع أكبر عدد ممكن من المنتجات محليا. وسنصبح من بين أكبر الدول المصدرة للفوسفات ومشتقاته. كما سنعمل على تطوير الطاقة الشمسية وإنتاج الهيدروجين الأخضر، وهو مورد جديد سيعزز جاذبية الجزائر الصناعية”.
وأوضح رئيس الجمهورية أن هذه الإستراتيجية “ستمكننا أيضا من زيادة قدرتنا على تزويد أوروبا بالطاقة”، مشيرا إلى أن الجزائر تعمل كذلك على تعزيز أمنها الغذائي وتعبئة المزيد من الموارد المائية.
“المساعدات” الفرنسية للتنمية.. الرئيس يوضح
وردا على سؤال بخصوص “المساعدات” الفرنسية للتنمية المقدمة للجزائر وإمكانية إلغائها، اعتبر رئيس الجمهورية أن أي دعوة لإلغاء هذه “المساعدات” تعكس ببساطة “جهلا عميقا بالجزائر”.
وقال، في هذا الصدد، إنها “تتراوح بين 20 و30 مليون دولار سنويا، بينما تبلغ ميزانية الدولة الجزائرية 130 مليار دولار، وليس لدينا ديون خارجية”.
كما ذكر بأن الجزائر “تمول سنويا 6 آلاف منحة دراسية لفائدة الطلبة الأفارقة، علاوة على طريق يربط الجزائر بموريتانيا بتكلفة تفوق مليار دولار، كما قامت مؤخرا بإلغاء ديون قيمتها 4ر1 مليار دولار لصالح 12 دولة أفريقية”.
وأكد رئيس الجمهورية بوضوح أن الجزائر ليست بحاجة إلى هذه “المساعدات”، التي لا تخدم في الحقيقة سوى المصالح الفرنسية. وقال بحزم “لسنا بحاجة إلى هذه الأموال التي تخدم قبل كل شيء المصالح الخارجية لفرنسا”.
وردا عن سؤال يتعلق بالتعاون الاقتصادي مع الصين، أوضح رئيس الجمهورية أن “الصينيين يهتمون بعدة قطاعات نشاط (في الجزائر)، انطلاقا من أحدث التكنولوجيات إلى الإلكترونيات، مرورا بالتكنولوجيا الرقمية وبطاريات الليثيوم، حيث أننا نمتلك هذه المادة الأولية”.
وذكر في هذا الصدد بأن المتعاملين الصينيين “جاؤوا في البداية لبناء مساكن، ما أثار استياء المجموعات الفرنسية على غرار بويج”، الذي كان مهتما بصفقة جامع الجزائر.
وقال في هذا الصدد: “لقد قدم الصينيون أفضل العروض بأقصر الآجال، ونحن راضون عن خدماتهم”.
مراجعة اتفاقية الشراكة مع الاتحاد الأوروبي
وردا عن سؤال حول الأسباب التي دفعت الجزائر إلى طلب مراجعة اتفاقية الشراكة مع الاتحاد الأوروبي، أوضح رئيس الجمهورية أن هذا الطلب يمليه حرص البلاد، التي تزخر بإنتاج صناعي متنوع، على رؤية صادراتها تلج السوق الأوروبية بشروط تفضيلية.
وأضاف أن “طموحنا في مجال التصدير يتعزز: في سنة 2025، لم يكن لدينا إنتاج يذكر عدا المحروقات. اليوم، لدينا إنتاج صناعي وطني”، وأوضح رئيس الجمهورية في هذا الصدد أن “جميع الأجهزة الكهرو-منزلية جزائرية. وتدر زراعتنا، وفقا لمنظمة الأغذية والزراعة، 37 مليار دولار سنويا. ونحن نصدر المنتجات البقولية إلى تونس وموريتانيا والشرق الأوسط”، ملحا على ضرورة “مراجعة الاتفاقية لكي تتمكن منتجاتنا الفلاحية وفولاذنا من ولوج السوق الأوروبية بشروط تفضيلية”.
“ليس لدي النية للخلود في السلطة”
وعلى المستوى الوطني، أكد رئيس الجمهورية، عبد المجيد تبون، أنه لا ينوي البقاء في السلطة بعد انتهاء عهدته الثانية وأنه سيحترم الدستور، ملتزما بترك بنية تحتية جديدة وورشات كبرى وإصلاح للنظام السياسي. وأكد رئيس الجمهورية: “ليس لدي أي نية للبقاء في السلطة وسأحترم الدستور (الذي يحدد عهدتين رئاسيتين فقط)”، ملتزما “بترك بنية تحتية جديدة وورشات كبرى وإصلاح للنظام السياسي”، مضيفا “حتى لو لم أتمكن من تحقيق كل شيء سيكون لي الفضل في أن أظهر للجزائريين أن ذلك كان ممكنا وستكون الطريق ممهدة وعلى الأجيال القادمة إتمام العمل”.
التفجيرات النووية الفرنسية .. الدعوة لتسوية نهائية للخلاف
أكد رئيس الجمهورية، عبد المجيد تبون، أن تسوية القضايا المتعلقة بالتفجيرات النووية وباستخدام الأسلحة الكيميائية من طرف فرنسا في جنوب الجزائر مسألة ضرورية لاستئناف التعاون الثنائي، داعيا إلى تسوية نهائية لهذه الخلافات.
وقال رئيس الجمهورية: “إن ملف تنظيف مواقع التجارب النووية ضروري وواجب إنساني وأخلاقي وسياسي وعسكري،كان بإمكاننا القيام بذلك مع الأمريكيين أو الروسيين أو الإندونيسيين أو الصينيين، لكن نرى أن الجزائر يجب أن تقوم بذلك مع فرنسا التي يجب أن تخبرنا بدقة عن المناطق التي أجرت فيها هذه التجارب وأين دُفنت المواد”.
وأشار في نفس السياق إلى “مسألة الأسلحة الكيميائية التي استخدمت في واد الناموس”، وبعدما ذكر بأنه بدأ مسيرته المهنية في ولاية بشار، أشار رئيس الجمهورية إلى أنه “في بداية السبعينات، كنا نتلقى تقريبا كل أسبوع شكاوى من مربي المواشي حول نفوق ماشيتهم”، مشددا على ضرورة “عدم تجاهل الملف وتسوية هذه الخلافات بشكل نهائي”.
التصريحات العدائية لسياسيين فرنسيين خلقت مناخا ساما
وأكد رئيس الجمهورية، أن التصريحات العدائية التي أدلى بها سياسيون فرنسيون ضد الجزائر قد خلقت مناخا ساما أدى إلى تدهور العلاقات الجزائرية-الفرنسية.
وقال رئيس الجمهورية أن “المناخ سام، ونحن نضيع الوقت مع الرئيس إيمانويل ماكرون. وقد كانت لنا آمال كبيرة في تجاوز الخلافات المتعلقة بالذاكرة ولهذا السبب أنشأنا، بمبادرة مني، لجنة مشتركة لكتابة هذا التاريخ الذي لا يزال يشكل مصدر ألم لنا”، وأضاف قائلا: “قصد جعل هذا الملف غير مسيس، استقبلت مرتين المؤرخ بنجامين ستورا، الذي أكن له خالص التقدير ويقوم بعمل جاد رفقة زملائه الفرنسيين والجزائريين استنادا إلى مختلف الأرشيفات رغم أنني أأسف لعدم التعمق بما فيه الكفاية في الأمور”.
كما ذكر رئيس الجمهورية أنه وضع “خريطة طريق طموحة” بعد زيارة الرئيس ماكرون في أغسطس 2022، التي تلتها زيارة إليزابيث بورن، الوزيرة الأولى آنذاك، التي وصفها ب”المرأة الكفؤة التي تتحكم في ملفاتها”، مضيفا: “لكن لم يتم إحراز أي تقدم باستثناء العلاقات التجارية”.
وفي هذا الصدد، أكد أن “الحوار السياسي شبه منقطع، مشيرا إلى “التصريحات العدائية التي يدلي بها سياسيون فرنسيون يوميا، على غرار تصريحات النائب عن نيس، إيريك سيوتي، وعضو التجمع الوطني (جوردان بارديلا).
وأردف قائلا: “هؤلاء الأشخاص يطمحون يوما ما إلى حكم فرنسا. شخصيا، أميز بين غالبية الفرنسيين وأقلية من قواها الرجعية ولن أسيء أبدا إلى بلدكم.”
وفي نفس السياق، تساءل رئيس الجمهورية عن “الطريقة التي ستتصرف بها السيدة لوبان إذا وصلت إلى السلطة: هل ترغب في تنفيذ عملية شبيهة بحملة “فيل ديف”؟ هل تنوي تجميع جميع الجزائريين قبل ترحيلهم؟ “.
وعند سؤاله عن استعداده “لاستئناف الحوار بشرط وجود تصريحات سياسية قوية”، أجاب رئيس الجمهورية: ” بالطبع. لست من ينبغي عليه الإدلاء بها. بالنسبة لي، الجمهورية الفرنسية أولا وقبل كل شيء هي رئيسها”.
كما أفصح رئيس الجمهورية قائلا: “هناك مثقفون وسياسيون نحترمهم في فرنسا أمثال جان بيير شوفنمان جان بيير رافاران وسيغولين رويال ودومينيك دو فيلبان، الذي يحظى بسمعة طيبة في جميع أنحاء العالم العربي، لأنه يعكس نوعا ما صورة فرنسا التي كان لها وزنها”، مضيفا أنه “يجب أيضا أن يُسمح لهم بالتعبير عن آرائهم. ولا ينبغي السماح لأولئك الذين يزعمون أنهم صحفيون بمقاطعتهم وإهانتهم، خصوصا في وسائل الإعلام التابعة لفانسان بولوريه، التي يبدو أن مهمتها اليومية تتمثل في تشويه صورة الجزائر.”
وأكد رئيس الجمهورية “ليس لدينا أي مشكلة مع وسائل الإعلام الأخرى، سواء كانت تابعة للقطاع العام أو الخاص”.
من جهة أخرى، وردا على سؤال حول انتقاد عدة شخصيات سياسية فرنسية لاتفاقيات 1968 اعتبر رئيس الجمهورية أن الأمر يتعلق “بقضية مبدأ”.
وتساءل في هذا الصدد: “لا يمكنني أن أساير كل النزوات. لماذا نلغي هذا النص الذي تمت مراجعته في 1985 و1994 و2001؟”.
وأوضح في هذا السياق أن “بعض السياسيين يتخذون من التشكيك في هذه الاتفاقيات ذريعة للتهجم على اتفاقيات إيفيان التي نظمت علاقاتنا في نهاية الحرب، فاتفاقيات 1968 ليست سوى قوقعة فارغة لحشد المتطرفين، كما كان الحال في زمن بيير بوجاد”.
همنا الوحيد هو إقامة الدولة الفلسطينية
وبخصوص فلسطين، أكد رئيس الجمهورية، عبد المجيد تبون، أن هم الجزائر الوحيد هو إقامة دولة فلسطينية، مشددا على أن الجزائر ستقوم بتطبيع علاقاتها مع إسرائيل “في اليوم الذي يتم فيه إنشاء دولة فلسطينية”.
وقال رئيس الجمهورية إن “الرئيسين الشاذلي وبوتفليقة، رحمهم الله، سبق أن أوضحا أنهما لم تكن لديهما أي مشكلة مع إسرائيل”، وأكد أن التطبيع سيتم “في اليوم الذي يكون فيه هناك دولة فلسطينية، فهذا هو منطق التاريخ”، مشددا على أن “همنا الوحيد هو إقامة الدولة الفلسطينية”.
وأشار، في السياق ذاته، إلى أن الجزائر تمكنت من جعل 143 دولة من الأمم المتحدة تعترف بفلسطين كعضو كامل العضوية، وفيما يتعلق بسوريا، ذكر رئيس الجمهورية أنه سعى، خلال قمة جامعة الدول العربية في الجزائر عام 2022، إلى إعادة سوريا إلى المنظمة.
وفي رده على سؤال بخصوص موقف الجزائر من النزاع بين روسيا وأوكرانيا، أشار رئيس الجمهورية إلى “ازدواجية المعايير” التي تتبعها بعض الدول، حيث قال “عندما زرت فلاديمير بوتين في روسيا في يونيو 2023، طلب مني إيمانويل ماكرون أن أرى إذا كان وسعي القيام بشيء ما من أجل السلام، وقد أعطاني الرئيس الروسي أيضا الضوء الأخضر. كان مستعدا للحوار، لكن فولوديمير زيلينسكي لم يستجب”.
وفيما يتعلق بالأوضاع في منطقة الساحل، أعرب رئيس الجمهورية عن أسفه كون “دول الساحل، على غرار العديد من البلدان الإفريقية الأخرى، لم تتمكن من بناء مؤسسات قوية وأكثر صمودا “، أما بشأن مالي، فقد أشار إلى أن الجزائر كانت بصدد وضع مخطط للتنمية في شمال البلاد وكانت على استعداد لتمويله “بقيمة تصل إلى مئات ملايين الدولارات”.
كما أضاف أنها كانت مستعدة لجمع الموقعين على اتفاق السلم والمصالحة في مالي المنبثق عن مسار الجزائر، الذي قامت باماكو بوقف العمل به العام الماضي، مؤكدا أن “الجزائر لا تسعى إلى وضع مالي تحت إدارتها إذ نعتبره بلدا شقيقا، وسنمد له يد العون دائما”.
الرئيس يعبر عن دعمه لنظيره التونسي قيس سعيد
من جهة أخرى، عبر رئيس الجمهورية عن دعمه لنظيره التونسي قيس سعيد “الذي أعاد الأمور إلى زمامها من خلال استعادة النظام الرئاسي الذي شهدته تونس منذ استقلالها”.
وأردف بالقول: “تونس ليس لديها مشاكل كبيرة ماعدا الديون والنمو الضعيف ونحن نساعدها بقدر ما نستطيع لأنها نعم الجارة وكابدت ويلات قصف الطيران الاستعماري لأنها ساندت حرب التحرير الجزائرية”، مؤكدا أنه بلد “يستحق الدعم حتى يتمكن من تجاوز هذا الظرف الصعب”.
ولدى تطرقه للعلاقات مع الصين، أكد رئيس الجمهورية قائلا: “تجمعنا صداقة ضاربة في عمق التاريخ”.
وبخصوص العلاقات الجزائرية-الإيطالية، أوضح رئيس الجمهورية أنه “بخلاف اليمين المتطرف الفرنسي، لدينا علاقات ممتازة مع اليمين المتطرف الإيطالي، خاصة وأننا ليس لدينا أي خلاف، سواء تعلق بالذاكرة أو غير ذلك، إذ كانت إيطاليا على الدوام شريكا موثوقا للغاية”.
وفيما يخص العلاقات مع الولايات المتحدة الأمريكية، اعتبر رئيس الجمهورية أنها “ظلت جيدة مع جميع الرؤساء الأمريكيين، سواء كانوا ديمقراطيين أو جمهوريين”، مذكرا “عندما تم انتخابي في 2019، أرسل لي (دونالد ترامب) برقية لتهنئتي بعد ساعات من إعلان النتائج، في حين أن الرئيس (الفرنسي) ماكرون استغرق أربعة أيام ليقول إنه “سجل” انتخابي. ونحن لن ننسى أبدا أن الولايات المتحدة هي التي عرضت المسألة الجزائرية على الأمم المتحدة”.
دعم فرنسا لما يسمى بخطة الحكم الذاتي المغربية في الصحراء الغربية “خطأ فادح”
وأكد رئيس الجمهورية، عبد المجيد تبون، أن دعم فرنسا لما يسمى “خطة الحكم الذاتي” المغربية في الصحراء الغربية يعد “خطأ فادحا”، مذكرا الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون بالتزامات بلاده، باعتبارها عضوا دائما في مجلس أمن الأمم المتحدة يفترض أن تكون ضامنة للشرعية الدولية.
وقال رئيس الجمهورية: “تحدثنا مع الرئيس ماكرون لأكثر من ساعتين ونصف على هامش قمة مجموعة السبع في باري، في 13 يونيو الماضي. (…) لقد أعلمني حينها بأنه سيقوم بخطوة للاعتراف بـ “مغربية” الصحراء الغربية، وهو ما كنا نعلمه مسبقا. فحذرته قائلاً: “إنكم ترتكبون خطأ فادحا! لن تجنوا شيئا من ذلك، بل ستخسروننا”، مضيفا “أنتم تنسون أنكم عضو دائم في مجلس الأمن، أي عضو يحمي الشرعية الدولية”.
وأكد رئيس الجمهورية أن النزاع في الصحراء الغربية هو “مسألة تصفية استعمار بالنسبة للأمم المتحدة لم يتم حلها بعد”، مذكرا بأن “استقلال الجزائر تحقق بعد مئة وثلاثين عاما من الكفاح”، وأوضح، في هذا السياق، أن “محكمة العدل الدولية أكدت (في رأي استشاري صادر عام 1975) أنه لا يوجد أي رابط وصاية بين الصحراء الغربية والمغرب، عدا علاقات اقتصادية” وأن القضاء الأوروبي بدوره “يعترف تدريجيا بحقوق الصحراويين”.
كما أكد رئيس الجمهورية أن الجزائر “في موقع رد الفعل” تجاه المغرب (…) “وكأن الأمر يتعلق بلعبة شطرنج حيث نضطر للرد على أعمال نعتبرها عدائية”.
وذكر بأن “المغرب كان أول من حاول المساس بالوحدة الترابية للجزائر من خلال الاعتداء الذي قام به عام 1963 تسعة أشهر بعد الاستقلال، وهو الاعتداء الذي خلف سقوط 850 شهيدا”.
وفي ذات السياق، أعرب رئيس الجمهورية عن أسفه حيال “المساعي التوسعية” التي لطالما راودت المغرب، مستدلا على ذلك باعترافه المتأخر بموريتانيا. وأضاف: “لم يعترف المغرب بموريتانيا إلا سنة 1972، أي بعد اثني عشر عاما من استقلالها”.
كما أشار إلى أن “السلطات المغربية هي من فرضت التأشيرة على الرعايا الجزائريين سنة 1994 بعد اعتداءات مراكش”. وأردف قائلا: “لقد منعناهم مؤخرا من التحليق في مجالنا الجوي لأنهم يجرون عمليات عسكرية مشتركة مع الجيش الإسرائيلي على حدودنا، وهو ما يتنافى مع سياسة حسن الجوار التي حاولنا دائما الحفاظ عليها”، مع ذلك، أقر رئيس الجمهورية بأنه يتعين على البلدين “وضع حد لهذه الوضعية يوما ما”. واختتم قائلا: “الشعب المغربي شعب شقيق، ولا نتمنى له سوى الأفضل.”
فضيلة.ح
محللون سياسيون يؤكدون:
الرئيس تبون كان واضحًا وصريحًا خلال حواره ليومية “L’Opinion”
اعتبر عدد من المحللين السياسيين أن رئيس الجمهورية، عبد المجيد تبون، كان واضحًا وصريحًا خلال الحوار الذي خص به يومية “L’Opinion” الفرنسية، حيث كان خطابه قويًا عند تطرقه إلى العلاقات الجزائرية-الفرنسية.
أكد الدكتور علي ربيج، في “الحصة الخاصة” التي بثتها هذا الاثنين القناة الإذاعية الأولى، أن رئيس الجمهورية حمّل الرئيس الفرنسي مسؤولية توتر العلاقات بين البلدين نتيجة انسياقه وراء الفكر اليميني المتطرف، مشيرًا رغم ذلك إلى أن يد الجزائر ممدودة لإصلاح الاختلالات، بدءًا بملف الذاكرة.
في السياق ذاته، أشار الدكتور حكيم بوغرارة إلى أن رسالة الرئيس خلال هذا الحوار جاءت من موضع قوة، وكانت واضحة ومباشرة، مفادها أن الكرة اليوم في مرمى “الإليزيه” لإعادة النظر في مواقفها تجاه الجزائر من أجل تسوية الخلافات القائمة.
ومن جهته، أوضح الدكتور حسين قادري، أستاذ العلوم السياسية والعلاقات الدولية بجامعة باتنة، أن حقيقة الأزمة المفتعلة سببها ما تحققه الجزائر حاليًا من استعادة مكانتها على الصعيد الدولي، إلى جانب التطورات التي أحرزتها داخليًا وخارجيًا في مختلف المجالات بكل سيادة. وأكد أن هذا التوجه يعكر صفو اليمين المتطرف الفرنسي الذي لطالما تعامل مع الجزائر باعتبارها مستعمرة فرنسية.
ف.ح