في ظل التطورات الراهنة التي يشهدها العالم من ثورات علمية و تكنولوجية متلاحقة و أزمات اجتماعية و اقتصادية ، أضيفت اليها ازمة صحية خانقة بسبب انتشار كوفيد 19 ، تزايدت حدة التسابق نحو تطوير المعرفة بانواعها المختلفة من اجل ضمان القدرة التنافسية، و تحقيق النمة، و استدامة التنمية البشرية الشاملة و المنصفة.
في هدا الاطار تأتي مبادرة برنامج الأمم المتحدة الإنمائي و البرنامج الرئاسي للسيد عبد المجيد تبون لبناء المعرفة و التي ساهمت في بناء مجتمع و اقتصاد معرفي من خلال انشاء هيئات حكومية و وزارات منتدبة تشمل الاستراتيجية المسطرة للجزائر الجديدة من جهة و من جهة أخرى قراءة الواقع المعرفي و التنموي على نحو موضوعي يمكن من وضع سياسات تنموية مستبصرة ، و بالنظر الى الطلب المتزايد على المؤشرات لاسيما مع تنفيد اجندة الرئاسة التي تقابلها ندرة البيانات الموثوق بها، يعد اقتصاد المعرفة إضافة قوية، فهو يوفر أداء علمية و عملية تسلط الضوء على التحديات و سبل التطوير للتنمية المستدامة للمجتمعات
{و التنمية في تغير دائم، كما الأولويات و القيم و لابد من تغيير مماثل على مستوى المقاييس. ولهدا السبب تتطور مجموعة أدوات قياس التنمية البشرية باستمرار … فالتحديات التي نواجهها و الفرص المتاح لنا هي دوما اشد تعقيدا و أوسع ابعادا و اوثق ترابطا مما يمكن رصده في أي مقياس، بل و حتى في أي مجموعة من المقاييس مهما بلغت جودتها، و التعقيد يتطلب النظر بعدسات مختلفة، و المقاييس الجديدة تساعد في بلورة هده العدسات} المصدر، برنامج الأمم المتحدة الإنمائي 2020
1 – دور الاقتصاد الرقمي والمؤسسات الناشئة في تحقيق التنمية؟
ان نمو الاقتصاد الرقمي بوتيرة سريعة في الجزائر و الدي يعتبر جزء من الاقتصاد العالمي، اوجب على الصناعات في جميع القطاعات، تلبية متطلبات الثورة الصناعية الرابعة ، و ما ينتج عنها من اتجاهات ناشئة في قطاع تكنولوجيا المعلومات و الاتصالات و القطاعات المعرفية الأخرى لتحقيق التنمية المستدامة ، كما ننوه على أهمية معرفة مصطلح الاستدامة في كل قطاع على حدة و الاستدامة المتكاملة في التنمية، و لكي يحقق قطاع تكنولوجيا المعلومات و الاتصالات إمكاناته الكاملة، ينبغي ان لا يقتصر انتاج المعرفة و الاقتصاد الرقمي على مجموعة من الولايات او المناطق، بل يجب الاعتماد على الكفاءات الجزائرية الموجودة داخل و خارج الوطن و هدا ما ينفده المجلس التنفيذي الحكومي و قد سبق و باركنا الأسبوع الماضي بإنشاء المجلس العلمي للدكاء الاصطناعي على مستوى وزارة التعليم العالي و البحث العلمي املين ان نرى الخطة الاستراتيجية للمجلس على سبيل المثال و ليس الحصر، كل هدا من اجل رفاهية المجتمع الجزائري من خلال الخدمات السريعة الرقمية لاقتصاد قوي و بأياد شبابية عن طريق شركات ناشئة بدعم من الوزارات المختصة و بأسلوب و إجراءات شفافة لاستشراف كيفية تطور المستقبل من خلال فهم التفاعلات التي تنطوي عليها هده الاتجاهات لأنها غالبا ما يعزز بعضها بعضا
2 – الجزائر خصصت وزارتين منتدبتين ثم وزارة كاملة لهذا الجانب، فضلا عن مجموعة من الاجراءات والقوانين لترقية الاقتصاد الرقمي، حدد الاليات المعتمدة وآثارها الاقتصادية؟
ان من خلال القفزة النوعية للاعتماد على الاقتصاد الرقمي بالجزائر نلاحظ استجابة كبيرة من الشباب حيث تم انشاء حوالي 5000 شركة ناشئة حيث نالت منها حوالي 1100 شركة على علامة شركة ناشئة أو مشروع مبتكر هدا حسب ما ادلى به الوزير المعني في اخر لقاءه مع الولاة كما ارتفع عدد حاضنات الأعمال الناشطة في الجزائر، من 14 إلى 60 حاضنة بين سنتي 2020 و2023. مما يسهل على صاحب القرار الدعم اللازم للوصول الى الأهداف المرجوة، الا اننا نوصي بتحديث التشريعات حسب التخصصات لكل شركة مما يسهل العمل المشترك و تبني مشاريعهم المستقبلية من خلال تنفيذها على ارض الواقع و ليس الاقتصار على النمدجة، كما نوصي أيضا بضرورة مرافقة أصحاب الشركات من تدريب و تأهيل لريادة الاعمال المستقبلية
ان الفعاليات الوطنية و الافريقية تعزز من النهوض بالشركات الناشئة لتوسيع رقعة التنفيذ لريادة الاعمال و دلك بروح المنافسة و التحدي و هدا ما التمسناه من عدة فعاليات الى ان مخرجاتها لاتزال بحوزة كل وزارة على حدة مما نوصي بالعمل المشترك بين الوزارات دات الصلة بأعلى احترافية و سرعة لان الوقت يساوي فلوس حسب قانون الاعمال
3 – الجزائر تمضي نحو التوجه الرقمي، كيف يسهم اقتصاد المعرفة والمؤسسات الناشئة في تحقيق الشمول الرقمي، واستعمال المجتمع للرقمنة لتسهيل حياته؟
لاغتنام الفرص التي تتيحها الرقمنة، يجب على الجهات الحكومية فهم كيفية تغير الوظائف و مجموعة المهارات التي تتطلبها هده الوظائف، فقد تحولت المهارات الرقمية من *اختيارية* الى *ضرورية*، مع وجوب دعمها بمهارات شخصية مثل القدرة على التواصل الفعال باستخدام الوسائط الالكترونية و غير الالكترونية
ان المنهج و السياسات التي تتخدها الدولة الجزائرية الحديثة سيزيد من الطلب على المهارات الرقمية و تحسين فرص من يمتلكها في الحصول على وظيفة جديدة. و ترتبط هده المهارات بإمكانية كسب دخل اعلى يعود إيجابيا على الحياة الفردية و المجتمعية
ان الدراسات الحديثة تتوقع زيادة عدد الوظائف المتاحة لمن لديهم مهارات رقمية متقدمة و هده الوظائف الجديدة ليست متاحة فحسب بل ان بعضها اصبح شاغرا، ما يجعل توفير المهارات الرقمية المتقدمة جزءا من حل مشكلة البطالة
}من اجل تعزيز قابلية الشباب للتوظيف على نحو فعال، من الضروري ان تصمم برامج موجهة لسوق العمل يسهم ارباب العمل في اعدادها، مع تطوير برامج تدريب تكون اول صلة وصل بين الشباب و سوق العمل، لكن غالبية الشركات في بلدان حوض البحر الأبيض المتوسط شركات صغيرة او متوسط، و بالتالي لديها قدرة محدودة جدا على تقديم خدمات التدريب. و من الأسباب أيضا افتقار أنظمة التعليم و التدريب الى المعلومات بشأن الاحتياجات الراهنة في سوق العم، وهو ما يجعل المبادرات التي تتخدها بعض بلدان حوض البحر الأبيض المتوسط في هذا السياق تضل غير فعال، يسبب عدم وضع اليات لمشاركة القطاع الخاص المنتظمة . } المصدر، مؤسسة التدريب الأوروبية 2015
يعتبر التعليم و التدريب و البنية التحتية للمعلومات و الحوافز الاقتصادية و الأنظمة المؤسسية و الابتكار ركائز أساسية للوصول الى اقتصاد المعرفة، تضمن حرية انتقال المعرفة، و تؤدي الى تحفيز الاستثمار و الابداع و الابتكار ضمن الاقتصاد. في الجزائر يعتبر تجمع المؤسسات الناشئة كفاءة الحجم مع السرعة و المرونة للمنافسة و الفوز في اطار الخطة الاستراتيجية الرئاسية
ان للشركات الصغيرة و المتوسطة الحجم دورا مهما في معظم الاقتصادات. وهي مساهم مهم في خلق الوظائف، و تمثل نسبة كبيرة من حجم الاعمال و نسبة عالية من التوظيف عالميا، و بحسب تقديرات البنك الدولي فان الحاجة ستكون لنحو 600مليون وظيفة في عام 2030، و بالتالي فان الشركات الصغيرة و المتوسطة ستكون دات أهمية عالية على مستوى حكومات العالم
4 – للاقتصاد الرقمي وزن استراتيجي في الاقتصاد العالمي، كيف يمكن أن تستفيد الجزائر من الاقتصاد الرقمي في بناء اقتصادها؟
يشير التقرير (إيجابيات التكنولوجيا الرقمية لمنطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا: كيف يمكن أن يؤدي اعتماد التكنولوجيا الرقمية إلى تسريع وتيرة النمو وخلق فرص العمل) إلى أن الرقمنة الكاملة للاقتصاد يمكن أن ترفع نصيب الفرد من إجمالي الناتج المحلي بنسبة لا تقل عن 46% على مدى 30 عاماً، أو من حيث القيمة الدولارية لمكاسب طويلة الأجل لا تقل عن 1.6 تريليون دولار. وتشير التقديرات الواردة في التقرير إلى أنه خلال السنة الأولى، يمكن أن يصل نصيب الفرد من إجمالي الناتج المحلي في المنطقة إلى 300 مليار دولار. وستكون هذه الزيادة أكثر وضوحاً في البلدان الأقل دخلاً في المنطقة (زيادة بنسبة 71% على الأقل نظراً لأن المكاسب مدفوعة بسد الفجوة في الحصول على التقنيات الرقمية. فالفجوة في إمكانية الحصول على التمويل أكبر في البلدان ذات الدخل غير المرتفع).
من خلال الاحصائيات الواردة في التقرير للعوامل الممكنة لتكنولوجيا الاتصالات و المعلومات حسب كل محور للجمهورية الجزائرية ندكر:
التمويل الرقمي
26% استخدام خدمات الدفع الرقمي (% من البالغين 15 عاما فأكثر)
2.8% استخدام الانترنت لشراء شئء ما عبر الانترنت (% من البالغين 15 عاما فأكثر)
46% من تلقي الأجور في الحساب (% من متلقي الاجور)
مؤسسات الاعمال و التجارة الالكترونية
38% مؤشر التجارة الالكترونية المباشر بين الشركات و المستهلك
47% مؤشر اعتماد تكنولوجيا المعلومات و الاتصالات
المؤشرات الفرعية لمؤشر تطور الحكومة الالكترونية
52% مؤشر تطور الحكومة الالكترونية
28% مؤشر الخدمات عبر الانترنت
70% مؤشر راس المال البشري
15% مؤشر المشاركة الالكترونية
جودة المؤسسات
52% درجة القدرات الإحصائية
24% مؤشر الامن الصحي
26% مؤشر امن الفضاء الالكتروني
حسب الإحصائيات و الدراسات الحالية يمكن ان يؤدي اعتماد التكنولوجيا الرقمية الى تسريع وتيرة النمو و إيجاد فرص عمل يطرح شواهد على ضخامة المكاسب الاجتماعية، الاقتصادية لرقمنة الاقتصاد في الجمهورية الجزائرية، فمن الممكن ان يرتفع نصيب الفرد من اجمالي الناتج المحلي اكثر من 40%، و ان ترتفع إيرادات الصناعات التحويلية لكل وحدة من عوامل الإنتاج بنسبة 37%، و تزيد فرص العمل في الصناعات التحويلية بنسبة 7%
و لجني تلك الثمار صار من الضروري الاعتماد على الخدمات الرقمية في اغلب القطاعات و خاصة الاقتصادية منها بشكل واسع، و كدا ترميم الثقة المجتمعية في الحكومة و مؤسستها مثل البنوك و الخدمات المالية، لاستهداف استخدام أدوات الدفع الرقمي.
اعداد
أ.عبد العزيز ثاني يوسفي
اخصائي أنظمة النقل الذكي واستشاري مشاريع المدن الذكية
دبي، الامارات العربية المتحدة